إثر مشاركته في الميثاق الدولي من أجل الأرض والإنسانية، طرح بيار رابحي تساؤلين مفادهما أي كوكب سنترك لأطفالنا؟ وأي أطفال سنترك لكوكبنا؟، وهذا من خلال مراقبة المخاطر الخمس الرئيسية التي تهدد الكوكب والانسانية:
1 – كارثة التصنيع الزراعي الكيمياوي.
حيث يتم التصنيع الزراعي بالاستخدام المكثف للأسمدة الكيماوية، والمبيدات والبذور المهجنة والمكننة المفرطة الاتي تلحق الضرر البالغ بالفلاحين والأرض، اضافة الى انعدام الثقافة الزراعية عند الفلاحين ما يجعله غير قادر على الانتاج دون تدمير ما يؤدي الى تعريض الانسانية لمجاعة غير مسبوقة.
2 – الانسانية في غياب النزعة الانسانية.
مازال الفقر والحاجة في تفاقم مستمر رغم أن الموارد الطبيعية كافية اليوم لتلبية الاحتياجات الأساسية للجميع، وهذا بسبب الخلل الواقع في تنظيم العدالة والمشاركة والتضامن بين عالم والانسانية.
3 – قطع الاتصال بين الإنسان والطبيعة.
حيث أن معظم الحضارات الحديثة بنت “دون تربة” أي منفصلة عن الواقع والايقاعات الطبيعية، هذا ما يفسر سوء حالة الإنسان والضرر الواقع على الأرض.
4 – أسطورة النمو غير المحدود.
هو النموذج الصناعي والإنتاجي الذي يقوم عليهما العالم الحديث، يدعوان لتطبيق فكر “دايما أكثر” والسعي وراء الربح غير المحدود في كوكب محدود، والوصول إلى التنافسية والحرب الاقتصادية بين الأفراد، وهي تعتمد على احتراق الطاقة والنفط حتى ينفذ الاحتياطي، وإلا أن هذا النموذج لا يمكن تعميمه.
5 – صلاحيات كاملة للمال.
يعتمد هذه النموذج لتحديد مقياس ازدهار الدولة على ترتيب الناتج المحلي الإجمالي والناتج القومي الإجمالي، مع إعطاء المال السيطرة الكاملة على المصير الجماعي، وكذلك قياس نجاح الأفراد بحسب مداخيلهم المادية وممتلكاتهم وبرعم من ذلك يبقى المال غير قادر على تلبية جميع الرغبات على غرار الفرح والسعادة في الوجود.
لينتقل بعد ذلك للإجابة عن تساؤل أي أطفال نترك لكوكبنا؟ من خلال سرده للمقترحات السبع بالمعنى الكامل:
مقترح1: تجسيد المدينة الفاضلة.
أكد من خلال هذا المقترح أن المدينة الفاضلة ليست ؛ بل “لا مكان” بمعنى كل شيء ممكن، وبإمكاننا جعل المستحيل ممكنا طالما نحن موجودون، والبداية تكون بتجسيد في أنفسنا أي تغيير البشر حتى ننتقل لتجسيد التغيير الاجتماعي.
المقترح2: الرزانة السعيدة.
نواجه دائما الكثير ممن يسعون للعمل على تدمير كوكب الأرض لصالح الأقلية، والرزانة هو الاختيار الواعي المستوحى من السبب، وهو فن وأخلاقيات الحياة، ومصدر للارتياح العميق.
المقترح3: المرأة في قلب التغيير.
إن عالم الفاحشة والعنف الذكوري الذي تخضع له المرأة لا يزال بمثابة واحد من المعوقات الرئيسية أمام التطور الإيجابي للبشرية، لأن النساء هم أكثر من يعمل على حماية الحياة من التدمير، ويجب أن نشيد بالنساء كحارسات للحياة، والاستماع الى المرأة التي توجد في واحد منا.
المقترح4: ايكولوجيا الزراعة بديل ضروري.
من بين كل الأنشطة البشرية، تعتبر الفلاحة من الأهم لأنه لا يمكن لأي انسان أن يتنازل عن الطعام، لهذا نوصي بالإيكولوجيا الزراعية كأخلاقيات الحياة وكنفسية زراعية تسمح للناس باستعادة استقلالهم، أمنهم وسلامتهم الغذائية.
المقترح5: الأرض والنزعة الانسانية لا ينفصلان.
يوجد بين الأرض والإنسان علاقة تشاركية، لهذا وجب الدعوة للتحرك العاجل لوقف استنزاف موارد الأرض التي تؤدي إلى المجاعة والأمراض والتصحر والعنف وانعدام الأمن، مع التنديد بمبدأ ترسيخ الاستهلاك والأخذ من الطبيعة واستنزاف قدراتها، بدل تعليم الأجيال طرق بناء علاقة تبادلية وتعاونية بين الانسان والطبيعة.
المقترح6: نقل الاقتصاد.
يجب خلق انتاج واستهلاك محليين، لأنه ضرورة حتمية لتحقيق الأمن للسكان فيما يتعلق باحتياجاتهم الأساسية والمشروعة، وهذا دون اللجوء إلى غلق المبادلات المكملة، مع العمل على إعادة تأهيل الزراعة بما يتناسب وحجم الإنسان حتى يصبح هذا الأخير كجهة فاعلة في الاقتصاد.
اقتراح7: تعليم من نوع أخر.
العمل على تعليم العقول والقلوب تعليما حماسيا بعيدا عن الخوف من الفشل، تعليما يوازن بين فتح العقل للمعرفة مع ذكاء اليدين وابداعات ملموسة، وإلغاء مبدأ “كل لنفسه” من أجل تمجيد قوة التضامن والتكامل، اضافة الى زيادة الوعي عن طريق انشاء علاقة بين الطفل والطبيعة التي يدين لها.
بعد قراءة المخاطر الخمس والمقترحات السبع الملحقة بها، يجب أن نتساءل لماذا انشأنا هذا الميثاق؟ لأننا مازلنا نتصرف وكأن شيئا لم يحدث، بمعنى لا يكفي الاعتراف بالاختلالات الاجتماعية التي كتبها بيار رابحي، بل لابد من الوقوف مع أنفسنا من أجل تقييم أدائنا ومعالجته، وهذا بتغييرنا للعادات السيئة حتى يتغير العالم وبعبارة أخرى كل مساهمة فردية هي جزء من الحل الشامل.